الاثنين، 12 مارس 2012

رَحِيلٌ مَعَ الأمَل







رَحِيلٌ مَعَ الأمَل


كُلَّمَا سَمِعَتْ دَبِيبَ خُطُوَاتِي فَوْقَ سَقْفِ دَارِهَا اسْتَوْرَى غَضَبُهَا وَتَوَغَّرَ صَدْرُهَا وسَفِيَ فِي وَجْهِهَا الرَّمَادُ
لَمْ تَسْتَكِنْ حَتَّى فَررْتُ مِنْ بَيْتِي .. لاأَحْسَبُ مَاسَيَكُونُ مَصِيرِي بَعْدَمَا أبْطَرْتُ ذَرْعَاً وَتَعَثَّرَتْ طُمُوحَاتِي وَأَنا أَسْمَعُ قَرِينَاتِي وَفَيْضٍ مِنْ رِوَاياَتِ الاحْتِوَاءِ .. أَرْثِي حَالِي لِهَذِهِ الْدِحْدَاحَةِ بَكِيئَةِ الْخَيْرِ


أَفْصَحَ نِطَاسِيٍّ عَنْ عَجْزِهِ فِي تَشْخِيصِ حَالَة إجْهَاضٍ مُتَكَرِّرَةٍ آيَسَتْنِي فَرْحَةَ الْحَيَاةِ
كَمَا أَقَرَّ آخِرٌ رَوْحَانِيُ بِأنَّهُ سِحْرٌ للْتَفْرِيقِ .
بَعْدَ فِتْرَةِ نَقَاهَةٍ نَصَحَنِي وَالِدِي لِلْعَوْدَةِ فِي مُحَاوَلَةِ الْتَّكَيُّفِ وفُرْصَةٍ أخِيرَةٍ لَمْ يَكُنْ لَدَيَّ خِيَارٌ إلا خَوْضَهَا .
لَمْ يُوَاجِهْنِي مَارَأَيْتُهُ مِنْ قَبْل ..
بَعْدَ يَوْمَيْنِ ...


انْقَطَعَتْ الْمِيَاة .. انْقَطَعَتْ الْكَهْرَبَاء !
عَجَزْتُ أَنْ أَقُومَ بِمُمَارَسَةِ أَعْمَالِ الْبَيْتِ الْيَوْمِيَّةِ ؟
إذَا بِهِ يَأْتِي مُتَهَزِّعَاً , يَثُورُ دُونَ وَعْيٍّ وَيَتَّهِمُنِي بِالْتَّطَاوُلِ عَلَى وَالِدَتِهِ , وَفَجْأَةً انْهَالَ عَلَى الْمَكَانِ تَحْطِيمَاً ,
انْهَارَتْ مُنَّتِي وَسَقَطْتُ وَقِيذَةً وَسَطَ حُطَامِ الْمَكَانِ .. وإذَا بِعَوِيلٍ وَصِرَاخٍ يُسَغْسِغُ صَوْتَ الْهَشيِمِ إذْ بِطَرْقٍ خَصِيمٍ عَلَى الْبَابِ: ( طَلِّقْ هَذِهِ الهَنْبَاء الورْهاءُ .. لانُرِيدُهَا )
تَرَكْتُهُ مُوَدِّعَةً الْحَيَاةَ هُنَاكَ وكَأَنَّنِي أُطَلِّقُهَا طَلْقَةً بَائِنَةً لارَجْعَةَ فِيهَا .


بَعْدَ شَهْرٍ مِنَ الإقَامَةِ فِي بَيْتِ وَاِلدِي مُقِرَّةً انْهَاءَ تِلْكَ الْعِلاقَةِ , كَانَتْ مُحَاوَلَات كَثِيرَة مِنْهُ لِلْعَوْدَةِ مَصْحُوبَةً بمُمَارَسَةِ طُقُوسُ الْنَدَمِ الْدَامِعَةِ , وَاثِقاً لِي عَقْدَهُ بِالفَصْلِ بَيْنِي وبَيْنَهَا ؛ فَأَرْضُ اللهِ لَنْ تَضِيقَ بِنَا
لاَحَتْ بَارِقَةُ أَمَلٍ بِعَلاَمَاتِ قُدُومِ زَائِرٍ جَدِيدٍ .. سَحَبَ لَنَا أَذْيَالَ الْغِبْطَةِ
تَوَالَتْ الْشُهُورُ الأُولَى الَّتِي نَصَحَ فِيهَا الْطَبِيبُ بِعَدَمِ الانْفِعَالِ والْجُهْدِ حَتَّى أَرْأَمَنِي , وَصَرَّحَ بِأَنَّ حَالَتِي وَالْجَنِين صًارَتْ لابَأْسَ بِهَا ,
كاَنَ زَوْجِي يَرْتَمِضُ بِالْتِيَاعٍ , بَلْ وَيَتَقَطَّعُ حَسَرَاتٍ بِوَجْدٍ تَنْفَطِرُ لَهُ الْمَرَائِرُ غِيَابُ وَالِدَتِهِ الَّتِي آمَلَ أَنْ يَرَى حَفِيدُهَا الْنُّورَ بَيْنَ كَفَّيْهَا .!
لَنْ أَنْسَى يَوْمَ قَرَعَ سَمْعِي دُعَاؤُهَا أَنْ لايَعْوِي وَلِيدٌ فِي سَتْرِي ..
تَحْتَدِمُ الْنَّارُ مِنْ جَدِيدٍ , وَيَنْهَزِعُ الرِّباطُ وأَنَا أُكَابِدُ غِصَصَ الْهَجْرِ حَتَّى بَاتَتْ الرُّوحُ دَيْقُوعَةَ الْيَأْسِ بَعْدَمَا عَاقَرَتْ أَقْدَاحَ الْجَفَاءِ ... كَانَ يَقُومُ بِالاتِّصَالِ عَلَى الْهَاتِفِ , يُسْمِعُنِي مَايُصْدِغُ فِيَّ الْأمَلَ مِنْ مِضَاضِ وقِعَاعِ كَلِمَاتِهِ .
تِلْكَ الْمَرَّةِ حَاوَلَ الاتِّصَالَ كَالْمُعْتَادِ ؛ لِيُسْمِعُنِي بَعْضَ مَاأَعَدَّهُ لِي ؛ لِيُصْعَقَ بِأَنَّ الْرِّبَاطَ الوَحِيدَ بَيْنَنَا سَيَنْقَطِعُ بَأَحَدِ الْحَلَّيْنِ حَيْثُ قَرَّرَ الْطَبِيبُ إِثْرَ أَحَدِ الْصَدَمَاتِ إنْهَاءَ الْحَمْلِ أوْ هَلَاكِي .
جَاءَنِي لَهِيفَاً هَاتِنَاً يَمْتَحُ فَضْلِي , وَيَسْتَدِرُّ جَوْدِي , وأَنَا أُدَامِرُ الْأيَّامَ تَحْتَ إشْرَافٍ طِبِّيٍ مُشَدَّدٍ الْأشْهُر الْبَاقِيَة, وَنَتِيجَة غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ إلَّا أَنَّهَا نِهَايَةٌ حَتْمِيَّة لِي ... أَوْ لِي .
وَجَاءَتْ لَحْظَةً كُنْتُ أَخْشَاهَا بِقَدْرِ انْتِظَارِهَا
دَخَلْتُ غُرْفَةَ الْجِرَاحَةِ وَجِلَةً , يَشْخُصُ بَصَرِي فِي الْسَّقْفِ, تَتَقَرْقَفُ ثَنَايَايَا , وتَتَقَعْقَعُ أَضْرَاسِي ..
يَسْأَلَنِي الْطَّبِيبُ مَاأتَمَنَّاهُ ؟
- أَنْ أَحْيَا بِالْأمَلِ , أَوْ أَرْحَلَ مَعَ الْألَمِ .!
بَيْنَمَا هُوَ : تَائِهٌ فِي بَيْدَاءِ الْفِكْرِ تَسْتَوْكِفُهُ الْدُّمُوعُ ؛ لِوُجُودِ وَالِدَتِهِ خَارِجَ إِطَارِ الْصُّورَةِ
وَجَاءَ الْضَّيْفُ الْجَّدِيدِ يَمْتَطِي رَكْبَ الْنُّورِ ..
بَيْنَمَا أَخْرُجُ أَنَا غَائِبَةَ الْحَوَاسِ .. مُخَدَّرَةَ الْجَسَدِ .
لا يَدْرِي مَنْ حَوْلِي أَحَيَّةٌ أُرْجَى أَمْ مَيِّتَةً أُنْعَى ؟ .