الخميس، 9 ديسمبر 2010

صفحة من أرشيف بائسة




وَقَفْتُ أُعِدُّ الْطَعَامَ , وأَهِمُّ بِتَرْتِيبِ الْمَنْزِلِ , وإذَا بِصَوْتِ رَضِيعٍ خَلَعَ قَلْبِي وَرَاءَهُ حَنِينَاً , أَصَخْتُ إلَيْهِ , فَإِذَا بِهِ مِنْ حُجْرَةِ الْنَوْمِ , أَسْرَعْتُ بِتَنْفِيضِ يَدَيَّ مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ مَاءٍ .. يَجْذِبُنِي الْصَوتُ نَحْوَ الْحُجْرَةِ هُرْوَلاً .. رُبَّمَا وَاهِمَةً ! عَاوَدْتُ الْعَمَلَ لِبَعْضِ الْوَقْتِ .. عَادَ الْصَوْتُ مَرَّةً أُخْرَى .
يَاإِلَهِي , كَمْ تَعْلَم أَنَّ كُلَ مَابِي يُصَارِعُ أَنْفَاسَ الاشْتِيَاقِ لِرُؤْيَةِ وَلِيدٍ أَضُمُّهُ , أَشْعُرُ بِأَصَابِعِهِ الْبَرِيئَةِ تُدَاعِبُنِي , وَتَتَلَمَّسُ مَلامِحَ مَحْيَاي ...
أُتَمْتِمُ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ مُتَّجَهَةٌ صَوْبَ الْحُجْرَةِ ... صَوْتُ الْطِفْلِ يُنَادِينِي طَرَبَاً بِبُكَاءٍ وَجِفَتْ لَهُ الْرُوحُ هَيَامَاً ..
تَمَاسَكْتُ خَوْفَاً مِنَ الانْهِيَارِ , وَأَنْ تَتَّهِمَنِي وَالِدَةُ زَوْجِي الْمُقِيمَةُ بِالْطَابِقِ الأسْفَلِ بِالألَسِ .
بِالأمْسِ البَعِيدِ عِنْدَمَا زَارَتْنِي لِتَهْنِئَنِي بِالْزِفَافِ , وَبَدَأَتْ تُلْقِي عَلَيَّ بِأَسْئِلَةٍ وَهِيَ تَرْمِينِي بِطَوَارِفِهَا ...!
كَمْ ثَمَن فُسْتَانِ الْزِفَافِ ؟؟ وَكَمْ كَانَتْ تَكَالِيف مَرَاسِمِ الْعُرْسِ ؟ مَنْ تَوَلَّى نَفَقَة مَأْدُبَةِ الْعَشَاءٍ ؟ و ... ... ؟ و ... ... ؟
- زَوْجِي , لِمَاذَا تَسْأَلُ وَالِدَتُكَ عَنْ ...؟ أَلَمْ تَقُلْ لَهَا ... ... ؟ وَلَمْ ألْتَفِتْ إلَى أَنَّهُ عِنْدَمَا كَانَ يَرْغَبُ فِي زِيَارَتِهَا , دَائِماً مَايَقُومُ بِاخْتِيَارِ الْمَلابِسِ الْوَاهِيَةِ الْرَثَّةِ لارْتِدَائِهَا ...!
تَذَكَّرْتُ الْصِّدَامَ الَّذِي تَكَرَّرَ مِرَارًا أيَّامَ الْخِطْبَةِ , وَأَنَا أُرَافِقُ وَالِدَتِي لِتَجْهِيزِ شَقَّةِ الْزَوْجِيَةِ , والَّذِي نَزَلَ عَلَيَّ كَالٍقَارِعَةِ , عِنْدَمَا تَطَاوَلَتْ عَلَيْنَا بِمَا قَرَعَ آذَانِنَا من ْسَبٍّ وطَعْنٍ بِكَلامٍ مَااسْتَكَّ فَي مَسَامِعِي مِثْلُهُ .. وَقْتَهَا تَعَهَّدَ زَوْجِي لَنَا بِأَنَّهَا حَالَةٌ عَارِضَةٌ وَسَتَزُولُ حَتْمَاً , دُونَ تَقْدِيمِ مُبَرِّرَاتٍ لِذَلِكَ .
أفَقْتُ فَزِعَةً عَلَى وَابِلٍ مِنَ الْسَبِّ الَّذِي رَافَقَنِي مُنْذُ اللَيْلَةِ الأُولَى ..!
مَاذَا أَفْعَلُ وَزَوْجِي فِي الْعَمَلِ ؟؟ .. أَخْشَى أَنْ أَجِدَهَا تَطْرُقُ بَابِي , وَتَتَطَاوَلُ عَلَيَّ بِالْضَرْبِ , مَازَالَتْ تَلْسبُ , فَتَحْتُ جِهَازَ الْسِي دِي ؛ لِيَطْغَى صَوْتُهُ عَلَى مَالا أُرِيدُ سَمَاعَهُ ؛ فَازْدَادَ صَوْتُهَا اتِّقَادًا وتَلَذُّعَا .. زِدْتُ أَيْضاً ؛ فَهَبِطَتْ لأسْفَلِ الْدَرْجِ حَيْثُ مَصْدَر الْكَهْرَبَاءِ , وفَصَلتْها عني .
مَاذَا أَقُولُ لِزَوْجِي وَقَدْ شَكَوْتُ لَهُ ؟ .. لكن كَلامِي لايَنْهَضُ فيه بُرْهَانٌ , كَانَ يتَّهِمُنِي بَاطِلاً بِالْنَيْلِ مِنْ وَالِدَتِهِ حَسَب ادِّعَاءَاتِهَا ؛ فَجَعَلَتْ بَيْنِي وبَيْنَهُ صَدْعَاً , حَتَّى تَشَعَّثَتْ أُلْفَتُنَا .
إنَّهَا لاتَكِلُّ ولا تَمِلُّ , أعْتَقِدُهَا تَتَغَنَّى بِهِ وهِيَ تَقُومُ بالأعْمَالِ الْمَنْزِلِيَّةِ , وَمَتَى اقْتَرَبَ مَوْعِدُ زَوْجِي ؛ تَكُفُّ , وَتَبْدَأُ فِي مُدَاعَبَةِ حَفِيدَتِهَا , ومَتَى وَقَعَ نَظَرُهَا عَلَيَّ أمَامَهُ ؛ لاأسْمَعُ مِنْهَا سِوَى لَدِنَ الْكَلامِ ...
يا إلهي ... أَهِي ثَرْمَلَة ؟ أمْ أَيْم تَتَغَضَّفُ ؟!
سَأُصَابُ بِالانْهِيَارِ مِمَّا يَتَوَارَدُ عَلَى أُذُنَايَ مِنْ بَذِيءِ الْكَلامِ الَّذِي مَاتَعَوَّدْتُ سَمَاعَهُ مِنْ قَبْلِ ..
لايُوجَدْ مَعِي إلَّا الْهَاتِفَ المَحْمُولَ .. نَعَمْ سَأَقُومُ بِتَسْجِيلِ ماتَقُولُه لِتَكُون مَعِي حُجَّةٌ بَتْرَاءٌ دَامِغَةٌ ؛ فَقَدْ أَدْهَقَ الْكَأْسُ إلَى أصْمَارِهِ
شَغَّلْتُ الْمُسَجِّلَ وتَرَكْتُهُ يَلْتَقِطُ الْدُرّرَ .. أسْمَعْتُهُ مَاتَغَنَّتْ بِهِ الأمُّ وأنَا أَرْتَدِي مَلابِسِي كَيْ أَذْهَب لِبَيِتِ أهْلِي.. كَانَ يُمَزِّقُ وَجْهَهُ الْخَجَلُ مِنِّي تِلْكَ الْمَرَّة ؛ لانْكِشَاف قِنَاعَ الْشَكِ عَنٍ مَحْيَا الْيَقِينِ ! .. حَاوَلَ أنْ يُقَوِّضَ دَعَائِمَ بُرْهَانِي ويحَذْفُ مَاقُمْتُ بِتَسْجِيلِه , ولَكِنِّي صَمَّمْتُ أنْ أُسْمِعَهُ لِوَالِدِي .
عَاَد لِوَالِدَتِهِ يَرْمِيهَا بَأقْحَافِ رَأْسِهَا .. ويُخَبِّرُهَا بِمَا كَانَ مِنِّي ؛ لِتَنْهَارَ أَمَامَهُ صَاغِرَةً قَمِيئَةً : ( لَقَدْ ظَلَمْتَنِي يَاوَلَدِي )
وَبَعْدَ عِدَّةِ أيَّامٍ قَضَيْتُهَا عِنْدَ عَائِلَتِي طَلَبَ زَوْجِي الْعَوْدَةَ لِمَنْزِلِ الْزَوْجِيَّةِ وَتَعَهَّدَ لِي تِلْكَ الْمَرَّةِ أَنَّ الْوَالِدَةَ قَدْ شَعُرَتْ بِالْنَّدَمِ بَلْ واعْتَذَرَتْ عَمَّا بَدَا مِنْهَا ...
عُدْتُ ...!
لأجِدُنِي جَالِسَةٌ أمَامِي .. بِنَفْسِ مَلْبَسِي .. مُنْدَهِشَةٌ مِنِّي .. لا ... انَّنِي أتَكَرَّرُ فِي الْرُدْهَةِ ..!
زَنَرَنَ أَعْيُنَهُنُ إلَيَّ بِدَهْشَةٍ ثُمَّ إلَى أنْفُسِهِنَ كَمَا لَوْ تَقُولُ الْنَظَرَاتُ : مَاأتَى ِبِكِ إلَى هُنَا ؟
تَقَهْقَرْتُ لَلْوَرَاءِ حَيْثُ أتَيْتُ وَكَمْ كُنْتُ أتَمَنَّى سُؤَالِهِنَّ : مَاذَا تُرِدْنَ مِنِّي ؟ ومَاالَّذِي أتَى بِكُنَّ هُنَا ؟
اسْتَنْكَرَ زَوْجِي مَاقَصَصْتَهُ عَلَيْهِ , وأثْنَاءَ الجِدَالِ .. صَمَتَ بُرْهَةً سَاهِفَ الْوَجْهِ , تَتَّبَعُ عَيْنَاهُ شَيْئاً مَا فِي الْحُجْرَةِ , ثُمَّ , تَشْخُصَانِ عِنْدَ طَرْقَةٍ عَلَى أحَدِ الْجُدْرَانِ بِصَوْتٍ مُرِيبٍ
* لاشَيْء مِمَّا تَرْوِيِهِ صَحِيح .. مَاذَا تَقْصُدِينَ ؟ هَلْ تَتَطَاوَلِينَ بِالْقَوْلِ أَنَّ وَالِدَتِي الْفَاعِلَةَ ؟ لا ... لاأسْمَحُ بِذَلِكَ ...
- أُرِيدُ الْذِهَابَ لِبَيْتِ والِدِي .. لَمْ أسْتَطِعْ الْتَحَمُّل ..
* نَقَضِي الْلَيْلَةَ هُنَا فَلا يَصِحُّ الْعَوْدَة إلَيْهُمُ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ .
اكْتَلأَتْ عَيْنِي أقْرَأُ مَاتَيَسَّرَ مِنْ كِتَابِ اللهِ مُتَرَقِّبَةً عَقَارِبَ الْسَاعَةِ بَيْنَ الْفَيْنَةِ والأُخْرَى أتَحَدَّى كَرَى تَمَضْمَضَ فَي عَيْنِيَّ ؛ لأَرَى زَوْجِي مُتَّجِهَا مِنْ حُجْرَةِ الْنَوْمِ صَوْبَ دَوْرَةِ الْمِيَاةِ ولَمْ يَعُدْ ,
ثُمَّ مِنْ الْحُجْرَةِ مُتَّجِهَا لِحُجْرَة الْــ ... ,
وَجَدْتَهُ يَخْرُجُ ... ... !
نَادَيْتَهُ مُتَحَرِّكَةً نَحْوَ آخِر حُجْرَةٍ اتَّجَهَ إلَيْهَا , لأَجِده يُبَادِلُنِي الْحَدِيثَ مِنْ فِرَاشِهِ , الَّتِي لَمْ يُغَادِرها مُنْذُ الْلُجُوءِ إلَيْهَا !
- آااااهٍ , لَقَدْ انْبَلَجَ نُورُ الْصَبَاحِ .. أخْرِجْنِي مِنْ هُنَا عَلَى الْفَوْرِ .
الْسَاعَةُ تَدُقُّ الْسَادِسَةَ صَبَاحَاً ...
هَبَطْتُ دَرَجَاتَ الْسُلَّمِ وَجِفَةً وَجِلَةً , لأَجِدَهَا عَلَى عَتَبَةِ دَارِهَا تَتَشَدَّقُ بِالْعَلَكَةِ , نَظَرْتُ إلَيِهَا .. نَظَرْتُ إلَيْهِ !
تَذَكَّرْتُ بُكَاءَهُ لِي بِانْهِيِارٍ عِنْدَمَا انْدَاحَتْ لي الْدُّنْيَا بِقَوْلِهِ : ( عِدِينِي ألَّا تَتْرُكِينِي مَهْمَا حَدَثَ , وأنْ تَعِيشِي مَعِي عَلَى الْحُلْوَةِ والْمُرَّةِ )
أسْرَعْتُ بِالْهُبُوطِ .. لاصْطَدِم َبِامْرَأةٍ مَهِيبَةَ الطَّلْعَةِ .. تَقْذَى بِهَا الْنَوَاظِرُ .. وتَلْفُظُهَا الآمَاقُ , تَمْسِكُ بِبَابِ الْدَارِ الأسْفَل وتَقُولُ ... ( عِنْدِي مَوْعِدٌ مَعَ الْحَاجَّةِ ) !

الأحد، 5 ديسمبر 2010

خاطر الغياب


يَفِرُّ بَعْضٌ مِنَ الْخَوْفِ

يَحْتَضِنُ الْخَاطِرُ الْكَثِيرُ مِنَ الْتَسَاؤُلاتِ ...

أيَشْتَاقُ الْغِيَابُ قَلْباً تَلَوَّعَتْ بِهِ الآهَاتُ ؟

أَمْ فَجَّرَتْ ابْتِسَامَتُهُ يَنَابِيعَ الْنَدَى ؛ فَتَرَيَّعَتْ بِالْبُكَاءِ ...!

يَانَفْس ...

مَالَكِ أَرهَقَكِ الْضَنَى ... حَتَّى هَاضَكِ الْكَرَى ؟

رُوَيْدَكِ ...

فَوَالَّذِي مَضْمَضَ فِي عَيْنَيْكِ دَمْعَةَ كَمَدٍ ...

ونَهْنَهَ رُوحَكِ حَتَّى أحْصَبَتْ مَضَضَاً

لأرِثَنَّكِ لِقَاءً عَنْ كَشَبٍ

تَهْنَأُ بَهَ الْعُيُونُ الهَوَاتِنُ .

مَجْنُونَةٌ أنَا ....!




أَطْبَقْتُ يَدَيَّ عَلَى عُنُقِهِ ..

نَاظِرَةً إلَى لِسَانِهِ الْمُتَدَلِّي مِنْ فَيْهِ ..

يَسِيلُ لُعَابُه الْدَافِئ مِنْ بَيْن أنَامِلِي ..

ألْعَقُهُ رِضَابَاً شَهِيَّاً حَدَّ الثُمَالَةِ

وأتَمَنَّى لَوْ كَانَ مَمْزُوجَاً بِِالدُمُوعِ

كَيْ أُحِبُّهُ أكْثَرَ ..!

مَجْنُونَةٌ أنَا ....!